الشيخ يوسف القرضاوي
أربيل (العراق) - دعوة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي إلى أكراد العراق للتدخل من أجل وقف الصراع السني الشيعي في بلاد الرافدين، لقيت ردود فعل متباينة على المستويين السياسي والشعبي في منطقة كردستان غلب عليها الإشادة أو التحفظ.
فقد اعتبرت شخصيات سياسية كردية أن الأكراد بذلوا بالفعل جهودا حثيثة في هذا الشأن دون جدوى، حيث لا تتوفر لدى كل طرف النية الأكيدة للمصالحة والتوافق.
ورأت شخصيات أخرى أن دعوة الشيخ القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لهم للقيام بهذه المهمة الصعبة نوع من التقدير يدفعهم للمزيد من أجل إيقاف عجلة الاقتتال، لكنهم انتقدوا في الوقت ذاته ما اعتبروه عدم التفات كبار العلماء إلى الرغبة الكردية في إقامة دولة مستقلة لهم وإلى القمع الذي تعرضوا له في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
"نقدر دعوة الشيخ القرضاوي لكنها تحصيل حاصل"، هكذا علق أزاد الجندياني القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ومسئول الإعلام المركزي للحزب على دعوة الشيخ القرضاوي التي أطلقها في خطبة الجمعة 26-1-2007 من الدوحة.
وقال الجندياني لإسلام أون لاين.نت اليوم الثلاثاء: "إننا نقدر بالطبع نداء الشيخ القرضاوي لكنه تحصيل حاصل؛ لأن الرئيس العراقي جلال الطالباني ومسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان بذلا بالفعل مجهودات كبيرة لتقريب وجهات نظر القوى والتيارات السياسية (السنية العربية والشيعية) لقطع الطريق أمام نشوب حرب طائفية وإيقاف النزيف الجاري في بغداد".
المعنى السابق أكد عليه أيضا رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين قائلا: "نحن كنا ولا زلنا جزءا من الحل ولقد كانت القيادات الكردية ولا زالت تدعو الأطراف المتصارعة إلى الحوار والمصالحة من أجل بناء المسيرة السياسية".
وأبدى استعداد الكرد لتلبية أي نداء يؤدي إلى إيقاف الفتنة الطائفية وخاصة في بغداد مشيرا إلى أن البرزاني زار بغداد أكثر من مرة من أجل الهدف نفسه و"يستقبل إلى اليوم في مقر إقامته في مدينة صلاح الدين العديد من الأطراف والقيادات لحل المشاكل ونحن سائرون في طريقنا هذا من أجل بناء عراق ديمقراطي وفيدرالي".
ويقول مراسل إسلام أون لاين.نت أن هناك انطباعا عاما في الأوساط السياسية الكردية أنه لا جدوى من بذل الجهود من أجل وقف الصراع الطائفي في بغداد ونواحيها في الوقت الحالي في ظل صعوبة التقريب بين الطرفين.
شريطة نية المصالحة
وفي هذا السياق، يقول المستشار القانوني لرئيس برلمان كردستان طارق جوهر في تصريح لإسلام أون لاين.نت: "كان للأكراد دوما عبر التاريخ دور إيجابي في توحيد المواقف، وما ذكره الشيخ القرضاوي ما هو إلا وضع للنقاط على الحروف، وإن شاء الله لا نخيب ظن هؤلاء بنا ونحاول جاهدين إيقاف نزيف الدم في العراق، ولكن الأمر لا يتوقف على الطرف الكردي وحده".
وذكر بأن جلال الطالباني، الرئيس العراقي والزعيم الكردي، سبق أن دعا لفتح قنوات للحوار مع "المسلحين (من الجانين السني والشيعي) يوم كانت أطراف (حكومية عراقية) تحرم الحوار مع هؤلاء، ولكن في الوقت نفسه على الطرفين أن يرضيا بالأكراد كحكما وأن يكون لهما الاستعداد والنية الصادقة للمصالحة".
تقديرا للأكراد
جلال الطلباني - وسط وعلى يساره مسعود البرازاني
أما الإسلاميون وعلى لسان صلاح الدين بابكر عضو مكتب السياسي للاتحاد الإسلامي الكردستاني فاعتبروا أن دعوة القرضاوي لهم بأن يتدخلوا لوقف الصراع السني الشيعي "نوع من التقدير لهم".
وقال بابكر: "للشيخ (القرضاوي) مكانة خاصة في العالم الإسلامي، وعندما يطلب من الأكراد الوساطة يأتي هذا تقديرا لمكانتنا التاريخية التي يجب أن تفعل في هذه المرحلة الحرجة".
ورأى أن الدور الكردي لا يميل لطرف على حساب الآخر وأن "الأكراد يتعاملون مع الأزمة العراقية بحياد تام"، معتبرا ذلك موقفا إيجابيا.
تحفظ الشارع
مدخل برلمان كردستان
الشارع الكردي كانت له آراء متفاوتة -وإن غلب عليه التحفظ- تجاه الدعوة للتدخل في الصراع المذهبي، فقد رأى البعض أن الشيوخ والعلماء "ينسون الأكراد في محنهم عندما كانوا يضربون بالأسلحة الكيماوية ويستنجدون بالأكراد عندما يقعون في المحن".
محمد قادر، أحد سكان أربيل في الثلاثينيات من عمره، قال: "ألسنا نحن مسلمين أيضا لماذا لا يصدر كبار العلماء فتواهم بأحقيتنا في دولة كردية؟ لماذا يريدوننا فقط للدفاع عنهم ولم يدافعوا عنا يوما من الأيام حين كنا نضرب بالأسلحة الكيماوية" في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
"بختيار الطالباني"، ناشط حقوقي كردي، عبر عن تخوفه من أن "تثير أي فتاوى لكبار العلماء الفتنة الطائفية" في إشارة إلى دعوة الشيخ القرضاوي للأكراد بأن يتجاوز دورهم الوساطة ليقاتلوا الفرقة التي تبغي.
ويقول مراسل إسلام أون لاين.نت أن آراء الشارع تعكس في مجملها غلبة الروح القومية في إقليم كردستان والرغبة في البقاء بعيدا عن الصراع الدائر في العاصمة.
يشار إلى أن ثلاثة ألوية كردية بالجيش العراقي تشارك في الخطة الأمنية الجديدة ببغداد التي أقرتها حكومة نوري المالكي؛ ويعتبر القادة الأكراد أن نشر هذه الألوية دليل عملي على أنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من العراق الموحد ولا يسعون لفصل إقليم كردستان عنه.
ومن ضمن مهام الألوية الكردية الانتشار في مدينة الصدر ذات الأغلبية الشيعية في بغداد ومعقل جيش المهدي المتهم بارتكاب عمليات قتل طائفية، غير أن هذا الانتشار لم يتم بعد.