كيف يقضي المسبوق ما فاته من الصلاة؟ العنوان
دخلت المسجد لأداء صلاة العشاء وأدركت مع الإمام ركعتين وبعد سلام الإمام قمت لأكمل ما فاتني من الصلاة فجهرت بالقراءة وبعد أن سلمت أنكر علي أحد المصلين ما فعلته؟ فسؤالي هل المسبوق في الصلاة الجهرية يقضي ما فاته سرا أم جهرا؟ السؤال
30/01/2007 التاريخ
الشيخ عصام الشعار المفتي
الحل
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
اتفق الفقهاء على أنه يندب الجهر في صلاة الصبح والأوليين من المغرب والعشاء وفي الجمعة، وأنه يسر في صلاة الظهر والعصر، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن اختلف الفقهاء في المسبوق الذي فاتته ركعة أو ركعتين في الصلاة الجهرية هل يقضي ما فاته سرا أم جهرا بناء على اختلافهم فيما أدركه المأموم مع الإمام هل هو أول صلاته أو آخرها على ثلاثة أقوال.
وسبب اختلافهم في ذلك أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور" فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" رواه البخاري ومسلم. والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته. وفي بعض رواياته: " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا" رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن حبان. والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته. وقد أخذ الإمام أبو حنيفة، والإمام أحمد في المشهور من المذهب برواية "فاقضوا" وأخذ الإمام الشافعي وجماعة برواية (فأتموا) وعمل الإمام مالك بكليهما، فحمل رواية فأتموا على الأفعال ورواية "فاقضوا" على الأقوال، هذا هو مذهب مالك، وقد ضعفه ابن رشد؛ لأنه يترتب عليه أن يكون بعض الصلاة أداءً وبعضها قضاءً. [1]
وبناء على ما سبق فعند من قال إن المسبوق يتم صلاته فإنه يأتي بما فاته سرا ولا يجهر بالقراءة، وعند من قال إن المسبوق يقضي ما فاته فإنه يجهر بالفاتحة والسورة ، والأمر فيه سعة ولا يجوز فيه الإنكار ومن أخذ بأي من الرأيين فهو على صواب.
ولكن في جميع الأحوال لا يجوز للمصلي –مسبوقا كان أو منفردا - أن يجهر بالقراءة في الصلاة بصورة تؤدي إلى التشويش على من بجواره من المصلين ومن جلسوا للذكر وقراءة القرآن، فإذا كان الجهر بالقراءة يؤدي إلى التشويش على المصلين أو القارئين، فلا يجوز ويتعين الإسرار حتى لا يصرف قلوب من حوله عن التدبر وحضور القلب في الصلاة والذكر .
فقد روى أحمد ومالك عن البيّاضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".
قال الباجي في شرح الموطأ: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن لأن في ذلك إيذاء بعضهم لبعض، ومنعاً من الإقبال على الصلاة، وتفريغ السر لها، وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن، وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعاً حينئذ لإذاية المصلين، فإن منع رفع الصوت بالحديث وغيره أولى وأحرى لما ذكرناه، ولأن في ذلك استخفافاً بالمساجد، واطراحاً لتوقيرها وتنزيهها الواجب، وإفرادها لما بنيت له من ذكر الله تعالى.
والله أعلم