الحاج محمود بجوار دارجته
اذهب إلى الحج يا محمود.. كيف يا أماه؟ فأجابتني "لديك دراجة والله معك" كانت هذه الرؤيا المبرر الرئيسي الذي جعل المواطن الشيشاني "دزانار محمود علي" -63 عامًا- يقرر الذهاب بدراجته لأداء فريضة الحج هذا العام، قاطعًا 12 ألف كم، عبر خلالها 13 دولة حتى وصل إلى مكة.
لم يبالِ ذلك الشيشاني المسن بطول المسافة أو الوسيلة التي نقلته إلى الأراضي المقدسة، ولكن همه الأساسي كان تنفيذ الرؤيا التي شاهدها في نومه والتي استبشر بها كثيرًا.
محمود الذي يقطن قرية "عروس مارتن" القريبة من العاصمة الشيشانية جروزني، يفخر بهذه الرحلة المكوكية التي بدأها يوم 8 نوفمبر الماضي واستغرقت 10 أسابيع، ويحتفظ بمقال لصحيفة أردنية حول رحلته يظهره للسكان والضيوف ببلدته.
ووصف محمود لوكالة الأنباء الفرنسية الإثنين 29-1-2007 الاستعدادات للرحلة قائلاً: إنه زار بدراجته بعض المدن الشيشانية للتدريب على المسافات الطويلة، وتصليح دراجته، فضلاً عن أنه حمل معه 6 إطارات للطوارئ، واشترى خرائط تفصيلية للدول التي سيمر عليها بنحو 70 دولارًا.
الحصانلحديدي
وعلى ظهر "الحصان الحديدي" وهو الوصف الذي أطلقه على دراجته بدأت رحلة محمود الخارقة من قرية "عروس مارتن" إلى دولة أذربيجان المجاورة، حيث نصب خيمته أمام سفارة المملكة العربية السعودية للحصول على تأشيرة دخول للأراضي المقدسة. وعن رد فعل السفارة السعودية قال محمود: "تعجب موظفو القنصلية وظنوا أني مختل؛ لأنني خططت للذهاب إلى المملكة العربية السعودية بالدراجة"، وتابع قائلاً: "لكن بعد 18 يومًا من الإصرار منحوني التأشيرة وواصلت رحلتي إلى الجنوب إلى أن وصلت إلى إيران".
ولم تكن عملية مروره بالدول خالية من المشكلات والمخاطر، فقد تعرض محمود في محطة العراق بتحديات وعراقيل من ضرب وإهانات من قبل الجنود الأمريكيين، وقال: "لم يكن بحوزتي تأشيرة لدخول العراق؛ لذا تعرض لي الجنود الأمريكيون بالضرب ودمروا دراجتي وألقوها على الأرض بقوة ووصفوني بـ(خنزير روسي)". وحاول إقناعهم برحلته قائلاً: "قلت لهم إنني لست روسيًّا، بل مسلمًا فأخذوا مني جواز سفري وصوَّروا علامة الصليب على غلافه".
ولكن لم تفلح جهود محمود وتم إجباره على العودة إلى إيران ليواصل رحلته إلى جورجيا عبر أرمينيا وبعدها غادر إلى تركيا، ثم إلى سوريا والأردن. وأخيرًا وصل إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج في رحلة قطع خلالها المسن الشيشاني 12 ألف كم بدلاً 5 آلاف كم، وهي المسافة بين مكة المكرمة ومدينة جروزني؛ بسبب المصاعب التي مر بها.
وبمجرد أن نزل الأراضي المقدسة نسي عناء السفر وانشغل بروحانيات الأراضي المقدسة، وقال لوكالة الأنباء الفرنسية: "سألت الله المغفرة لأمي ولعائلتي والحرية لبلدي الشيشان".
وبعد عودته من الحج يروي محمود تفاصيل رحلته العجيبة لزائريه، مؤكدًا لهم أن الرحلة جاءت استجابة لرغبة أمه التي جاءته في المنام.
ولا يُخفي المسن الشيشاني ميله لاستقلال بلاده عن روسيا، حيث يزيّن دراجته التاريخية بشعار المقاتلين الشيشانيين الذين يناضلون من أجل استقلال الشيشان عن روسيا.